ضَي القمــــــــر

أهلا بك زائرنا الكريم اذا كانت هذه أول مرة تشرفنا اضغط (تسجيل) وانضم الي اسرتنا
أو اضغط (دخول) واكتب اسمك وكلمة السر وشرفنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ضَي القمــــــــر

أهلا بك زائرنا الكريم اذا كانت هذه أول مرة تشرفنا اضغط (تسجيل) وانضم الي اسرتنا
أو اضغط (دخول) واكتب اسمك وكلمة السر وشرفنا

ضَي القمــــــــر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ضَي القمــــــــر

أهلا وسهلا بكم مع ايمن حسن فى منتديات ضي القمر


    التوكل على الحي القيوم

    القمر المضيء
    القمر المضيء
    Admin
    Admin


    انثى عدد المساهمات : 341
    السٌّمعَة : 3
    تاريخ التسجيل : 24/02/2011

    التوكل على الحي القيوم  Empty التوكل على الحي القيوم

    مُساهمة من طرف القمر المضيء السبت يوليو 09, 2011 8:52 am


    الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المتوكلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:
    فإن التوكل على الحي القيوم عمل جليل لا يستغني عنه العبد في سائر أحواله وقل من الخلق من يفقه هذا الباب ويعتني ويكلف به. والدين مبناه على التوكل. قال سعيد بن جبير: (التوكل على الله نصف الإيمان). والتوكل عمل قلبي ليس من أعمال الجوارح. قال الإمام أحمد: (التوكل عمل القلب).

    وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين بالتوكل فقال وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ). وقال تعالى وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). وقد ورد في السنة الأمر بالتوكل وعظم منزلته فقال صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا). رواه أحمد.

    والتوكل على الله معناه في الأصل أن يفوض العبد أمره لله ويسلم حاله له وأن يعتمد على ربه في قضاء حاجته ويثق به. قال ابن عباس: (التوكل هو الثقة بالله وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك). وقال الإمام أحمد: (وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به). وقال ابن رجب: (هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها).

    ومن مقتضى التوكل وشرط صحته العمل بالأسباب النافعة المأذون بها شرعا لأن الشارع الحكيم ربط بين التوكل والعمل بالأسباب فلا يجزئ التوكل ولا ينفع العبد إلا بالأخذ بالأسباب ولا تنافي مطلقا بين التوكل والعمل بالأسباب. قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور). وقال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم). فحقيقة التوكل في المفهوم الشرعي إذن اعتماد القلب على الله مع تعاطي الأسباب بالجوارح فهذان هما ركنا التوكل لا يصح التوكل إلا بهما. أما الاعتماد على الله والإعراض عن الأسباب فقدح في الشرع ونقص في العقل وأما الاقتصار فقط على العمل بالأسباب دون الاعتماد على الله فشرك في الأسباب. قال ابن القيم: (فإن تركها عجزا ينافى التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصولِ ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلا للحكمة والشرع فلا يجعل العبد عجزه توكلا ولا توكله عجزا).

    والناس في باب التوكل على ثلاثة أصناف:
    1- صنف اعتمد بقلبه على الله وأقبل عليه وترك العمل بالأسباب ولم يبذل جهدا في تحصيل المراد فهذا مسلك مذموم وهو التواكل ليس بالتوكل وهو طريقة الصوفية وقد ذمه السلف.وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي ناسا من اليمن فقال: ما أنتم. فقالوا: متوكلون. فقال: (كذبتم أنتم متكلون إنما المتوكل رجل ألقى حبه في الأرض وتوكل على الله عز وجل).

    2- صنف تعاطي الأسباب وبالغ فيها ولم يعتمد على الله وفوض أمره إليه فهذا مسلك مذموم مخالف للشرع لأنه جعل الأسباب الحقيقية مؤثرة ومستقلة من جلب الخير ودفع الشر وتناسى خالق الأسباب ومسببها وهذا مسلك أرباب الدنيا وأهل الغفلة والشهوات.

    3- صنف جمع في هذا الباب الاعتماد على الله وتعاطي الأسباب التي أذن الله بها وجعلها نافعة وهذا هو مسلك أهل التوحيد والسنة وهو الموافق للشرع وصريح العقل ومقتضى الفطرة السليمة لأن المؤثر حقيقة والمستقل بالنفع والضر هو الله ومن سنة الله أن جعل لكل شيء سببا موصلا إليه فكان تمام الدين وكمال العقل العمل بهما جميعا.
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوض أمره لله ويجرد اعتماده لمولاه ومع ذلك يتعاطى الأسباب ولا يتحرج من ذلك فقد كان يأكل ويشرب ويتزوج ويتكسب ويلبس البيضة والدرع وغيره من آلات الحرب يتقي بها بأس الكفار مع أنه سيد المتوكلين. وهذا يدل على أن تعاطي الأسباب النافعة مع الاعتماد على الله من السنة. ومن ظن أن العمل بالأسباب مخالف للشرع ونقصان للتوكل فقد خالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وكذلك كان الأنبياء صلوات الله عليهم يباشرون الأسباب ويتكسبون ولا يتكلون. ففي صحيح البخاري: (كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده). وفي صحيح مسلم: (كان زكريا عليه السلام نجاراً).
    وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث باستعمال الأسباب وبذل الجهد في تحصيل الكسب والمنافع وعدم الركون إلى الكسل والعجز اعتمادا على رحمة الله ونفع الآخرين. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة له فقال يا رسول الله أدعها وأتوكل. فقال: (اعقلها وتوكل). رواه الترمذي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان). رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجههُ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه). رواه البخاري.
    إن حسن التوكل مرتبط ارتباطا وثيقا بحياة المسلم فلا جلب للنفع ولا دفع للضر ولا قضاء للحاجات إلا عن طريق حسن التوكل. وحسن التوكل له أثر عظيم في سعادة المرء وتحقق مطالبه وحصول الرضا والاطمئنان في قلبه ووقايته من الشرور والفتن. قال تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ). وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله وتوكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي).
    إن بعض المسلمين هداهم الله مقصر في حسن توكله بالله غافل قلبه عن هذا الأصل العظيم ذاهل عقله عن خطره وعظيم فائدته. فكثير من المسلمين اليوم تناسوا في سلوكهم العملي وحياتهم المعيشية التوكل على الله واعتمدوا على الوظائف الراتبة والأجور الثابتة. أما المؤمن الحق فعظيم التوكل على الرزاق لعظم يقينه بقدرة الله وعلمه ورحمته ولطفه وسعة رزقه. فالتوكل تابع لليقين كلما زاد اليقين في قلب المؤمن زاد توكله على الرحمن وإذا نقص اليقين نقص التوكل.
    فالانحراف اليوم في باب التوكل من جهة غلو الناس في الأسباب واعتمادهم عليها وانصراف قلوبهم بالكلية إليها والتفات القلب عن المسبب والخالق حتى صار الإنسان يعتقد الشفاء حتما بالطبيب الحاذق وحصول الرزق بالوظيفة وحصول الأمن بإجراءات السلامة وحماية الممتلكات بالتأمين وهذا من تأثير الإنصباغ بالحياة المادية ومظاهر المدنية والله المستعان. أما مسلك ترك الأسباب بالكلية والتواكل فقد اندثر بالجملة ولم يبق إلا نزر يسير في الأمة.


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:52 pm